الخوف ولا سيما الخوف من المستقبل تلك العقبة التي تحول بينك وبين نجاحك وتطوير ذاتك، وعلو همتك وإصلاح أمتك. تُصبح أسير أفكارك، وتُمسي أسير أوهامك، خوف يأبى إلا أن ينتزع حياتك كما انتزع النوم من عينك و الطمأنينة من قلبك، يُقيد أحلامك، يُتلف آمالك، يقف دون نجاتك وفلاحك، يمنعك عن كل بذل وكل جهد… والآن أما آن أن تكسر هذا القيد!
الخوف من المستقبل؟
الخوف باختصار هو توقع المكروه سواء كان لديك دليل حول شيء وقع بالفعل (معلومة) أو كانت خاطرة وردت بذهنك ولم يقع منها شيء (مظنونة)، في كِلتا الحالتين توقعت مكروهًا فنتيجة لهذا التوقع يصيبك الهلع والخوف.
كذلك كان موسى!
سيدنا موسى عليه السلام رغم أن من رآه لأول مرة عرِف عنه أنه هو القوي الأمين (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ) إلا أنه أكثر نبي ذُكِر معه الخوف! ( يَا مُوسَى لا تَخَفْ..)
فهو عليه السلام بشر، رغم قوته وصلابته إلا أن له نفس تحذر وتخاف كأي نفس بشرية.
ولذلك كان من المهم أن نسلط الضوء على قصة موسى عليه السلام؛ لنفهم من خلال نفسه عليه السلام أنفسنا، ونهتدي بهديه، ونتعلم كيف علَّمه الله مواجهة خوفه، ونعلم كيف تحول خوفه ليس إلى طمأنينة فحسب بل إلى قمة الطمأنينة والسلام النفسي وذروة العمل والجد
!
كلَّا الرادعة مُفتاح كلَّا المُطمئنة!!
كم فرصة سنحت لك وكانت مناسبة تمامًا ولكن ضيعتها بسبب خوفك وقلقك؟
كم موهبة وهبك الله إياها فرطت فيها ولم تحسن استغلالها لأنك تخشى أن تبدأ وتخاف أن تفشل؟
بل الفرصة الآن التي أمامك ولازلت تُفكر، تخشى أن تواجه وتُقْدم! يمنعك الخوف من المستقبل، فالواقع صعب هل سأستطيع؟ هل سأنجح؟
فعندما تأتيك تلك التساؤلات تذكر موسى عليه السلام وهو يقص على ربه مخاوفه:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)
ربما ترى أن تلك الأمور التي ذكرها موسى عليها السلام لها حق أن تكون مُخيفة بالفعل كما كانت تخيف موسى عليه السلام.
ولكن تدبر هذا الرد من الله عز وجل الذي كان حاسمًا قاسمًا لتلك المخاوف مُفتتًا لها (كَلَّا)!!
قَالَ كَلَّا ۖ فَاذْهَبَا… هكذا يجب أن يكون الرد دائمًا على مخاوفك التي تختلج قلبك (كلَّا)، فكل أفكار موسى عليه السلام لم تكن سوى ظنون، يخاف أن يُكَذَّب وهو لم يُجرب!
أعطِ نفسك فرصة، لا تفترض فروض قد تكون خاطئة وتُقنع نفسك بها بل وتخاف منها!
فلعل لولا (كلَّا) الرادعة الهادية له من الله -عز وجل- بألا يلتفت إلى مخاوفه ويمضي حيث أُمِر ما كان وصل موسى بفضل الله عليه إلى تلك المطمئنة (كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)!
فاستعن بالله وقل كلَّا لمخاوفك، وبادر فورًا بالعمل… (قَالَ كَلَّا ۖ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا ۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ) فمن هنا تتلاشى مخاوفك شيء فشيء فحينها تقول رادعًا لكل خاطرة تأتيك لتُشعل الخوف من المستقبل في قلبك (كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)!
العلاقة العكسية بين الخوف والإنتاجية!
هل رأيت يومًا شخصًا يتقدم بما يُعيقه؟ السؤال غير منطقي صحيح؟
فلن تصبح شخصًا مُنتجًا عمليًا وأنت نفسيًا خائف مهزم!
الإنسان الذي يعمل مُطمئنًا راضيًا بقضاء الله ليس كمن يتخبط هلعًا خائفًا من كل صغير وكبيرة..
ماذا عن الدولار؟ من أين سأدبر حالي؟ ماذا عن.. ؟ وكيف لي..؟
وتجده لا ينام الليالي بسبب تلك الأفكار السلبية، ناسيًا أن لهذا الكون مُدبر لم يطلب منه سوى السعي!
وأن ليس للإنسان إلا… ماذا يارب؟
خوفه؟ تفكيره؟ تدبيره؟
لا… (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) وليس ذلك فقط بل (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) انتهى الأمر؟ (ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى)!
إذن كل ما على وجه تلك الأرض ليس إلا أسباب هي ملك لله مُسبب الأسباب وبيده سبحانه وتعالى، فالحق أن تخف المُسبب لا الأسباب…!
لذلك إن أردت أن تكون مسلمًا مُنتجًا بحق؛ لا تخف إلا الله والله بإذنه يكفيك أمرك كله، فالله لا يُحب لعباده الخوف إلا منه سبحانه، خوف الرجاء والطمع في رضاه وعفوه، والخوف من الله من جملة الإيمان.
فحين تُباغتك أفكار تقلقك وتخيفك حدث نفسك وازجرها قائلًا.. أتخشونهم؟
ثم أخبرها مستسلمًا لله مطمئنًا “فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين”!
قال الله تعالى:(.. أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أي شيء من مستقبلك تخاف؟
التحديد الدقيق لمشكلتك يجعل حلها أسهل وأيسر، الخوف من المستقبل ليس بالمصطلح العام فهناك أُناس لا يُكدر صفو حياتها إلا أمور بعينها.
ومن أعم وأشهر تلك المخاوف هي تلك المخاوف التي طرأت قلب موسى عليه السلام أيضًا! ومنها:
الخوف من الفشل (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ)
هذا النوع من الخوف لا يُتخلص منه إلا بأن تُلقي بنفسك مستعينًا بالله في هذا الأمر وتُجرب! فإن أخطأت؛ تعلمت، وإن أصبت؛ فَلحت وغنمت، وفي كلتا الحالتين وأيَّن كانت النتائج تكون مستفيدًا بأنك أذهبت عن نفسك لذعة الندم والحسرة بأن تعيش أبد الدهر ظنًا بأنك ضيعت فرصة جيدة قد لا تتكرر مرة أخرى!
الخوف من ضعف القدرات (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي..)
هل تعرف ما نهاية قصة موسى؟ كلنا نعرفها!
خوفه من قدراته لم يكن سوى رهبةً من عِظم ما كُلف به، أحيانًا عندما يجد المرء العمل عظيمًا يستصغر قدراته ويظن أنه ليس أهلًا لهذا العمل أو أنه لا يستحق بضعفه أن يحمل شرف التكليف.
هذا الضيق الذي كان يُخيف موسى كان في الحقيقة ليس إلا اتساعًا لم يتخيله يومًا فقد شُق له البحر واتسع بل ويبس له طريقٌ فيه!
وهذه الرهبة من عدم البيان وقيد اللسان كان فعله حين ألقى عصاه يكفي عن كل الكلمات و أعظم من أن يُعبر عنه بالحروف، بل وعقد ألسنة من يجيدون التلاعب بالكلام والعقول فلم يملكوا سوى التسليم!
وذلك لتعلم أنا ما كلفك الله بشيء إلا وهو إن استعنت به؛ يُعينك عليه، وأن ضعفك الذي تظنه وهوانك على الناس يُحوله الله بحوله وقوته إلى قوة وتمكينًا لم تتخيله يومًا، وأن ليس عليك إلا السعي بما هو متاح لك وإن رأيته ضعيفًا لا يفعل شيء وليكن لك في موسى قدوة!
الخوف من أخطاء الماضي (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا)
أخطاء الماضي قد تسبب لك الرعب في المستقبل إن لم تجعل الماضي للماضي والمستقبل للمستقبل! لا أحد لا يرتكب الأخطاء، الخطأ الوحيد هو ذاك الذي تفعله في حق نفسك عندما تتشبث بالماضي وتظن أن إخفاقك بالماضي يعني بالضرورة إخفاقك في المستقبل، تعلَّم من ماضيك لأجل حاضرك ولكن إياك أن تجلبه معك!
الخوف من بطش الناس (فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)
هؤلاء لن تجد منهم خيرًا! مديرك لن يرحمك! إن لم تتخلى عن مبادئك فأبشر بالتشريد والطرد!
فأخاف أن يقتلون…! والاختلاف هنا بيننا وبين موسى عليه السلام أننا نخشى بطش الناس حقًا على أنفسنا، أما موسى عليه السلام غير! كان يخاف من أن يُقتلوه فلا يستطيع أن يُكمل الرسالة العظيمة التي أعطاه الله شرف حملها!
ولعل لك في نصيحة رسول الله صل الله عليه وسلم للغلام نفعًا عظيمًا:
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك..
وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف!
لا أحد يستطيع ضرك، لا أحد يستطيع نفعك، هو وحده الضار النافع وفي ضره نفعك… سبحان الله العظيم وبحمده!
الخوف من المستقبل ليس بعد الآن!
هل تريد أن تعرف ما هي الخلطة التي ليست بسرية التي استعملها موسى عليه السلام ليتخلص من مخاوفه؟
تخيل الآن أنك قابلت سيدنا موسى عليه السلام وهذه الوصايا منه إليك:
لا تغفل عن الدعاء (واجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي..)
الدعاء هو بوابتك للعبور من الظلمات إلى النور، لا تجعله إختيارك الأخير الذي تلجأ إليه حين تُصبح في حلكة الظلام بل منه ابدأ..!
لا تكن وحيدًا (هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي..)
المؤمن ضعيفٌ بنفسه قويٌ بإخوانه، فلا تبرح حتى تجد من يكون لك مثلما كان هارون لموسى، وإلى أن تعثر على ضالتك لا تقبل بأي أحد فشروط الرفيق الحقيقي الذي يعينك أن يشدد أزرك ويشاركك أمرك عن غير هذا لا تبحث ولا تميل!
ومن المعلوم أن شخصًا مثل هذا نادر في أيامنا تلك فالتجأ إلى الله بالدعاء أن يرزقك إياه من رحمته كما دعى موسى فآتاه الله سؤله (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) من رحمتنا..! لك أن تتخيل كيف كان نبي الله هارون!
وتذكر أن الشيطان يُحبك وحيدًا حتى يستطيع أن يتمكن منك ويجعل جذور الخوف والهلع تتغلغل في أعماق قلبك، وديننا لا يُحب الفردية أبدًا فيد الله مع الجماعة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، فتجد لسيدنا محمد أصحابه الكِرام رضوان الله عليهم و على رأسهم أبا بكر، ولموسى كان هارون خير وزير، ولإبراهيم ابنه البار إسماعيل عليهم السلام جميعًا…
والأمثلة في هذا الباب وفيرة لتُثبت لك أن حين تصحب من يُعينك على السير إلى الله؛ تتبدد مخاوفك ويزيد رجائك، فمتى وجدت من يُقربك إلى الله لا يحجبك عنه؛ شد عليه بالنواجذ لا تفرط فيه أبدًا!
أكثر من ذكر ربك(كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ونَذْكُرَكَ كَثِيراً..)
مع الله يُصاحبك السلام وفي ذكره تجد الإطمئنان وكيف لا والله قال في كتابه ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أجعل روحك تتشبع من التسبيح والذكر، ليس تسبيح وذكرًا عاديًا فحسب بل كثيرًا..! وسبحان الله من الفطنة التي أعطاه الله لعبده موسى التي جعلته يُدرك أن الخوف ومشقة الطريق وأعباءه لا تهون إلا بتنزيه وتعظيم الله وذكره الذكر الكثير!
فمن كان الله معه من عليه؟
استحضر معية الله لك (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً)
الله معك، الله يراك، الله مُطلع عليك! كلما استحضرت هذا المعنى وجعلته حاضرًا دائمًا في حركاتك وسكناتك لا خوف يمكنه أن يتمكن من قلبك! لا خوف من المستقبل ولا غيره… إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيرًا.
وأنت تواجه خوفك لا تنسى أن..
تصف مشكلتك بوصفها الحقيقي لا كما يخدعك الناس!
فهنا تجد فرعون يقول لموسى (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) فأجابه موسى مُدافعًا عن نفسه، مُبددًا خوف قلبه (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)، وكأن موسى يقول كنت وقتها في ضلال وجهل ولكني لم أكفر يومًا، فليس فرعون الطاغية بميزانه المُختل هو من سيُعلم موسى الإيمان من الكفر!
لا تصدق كل ما يُقال عنك، ولا تجعل طعن أحدهم في قدراتك سببًا في خوفك من الإقدام والمثابرة، زِن نفسك بميزان الله ميزان الحلال والحرام لا ميزان الناس الذي يجعلك كالسلعة كل من يُقابلك يكيلك بمعتقادته وأفكاره!
تتجنب البيئة التي تواجه فيها المشاكل
لك أصدقاء لا يتحدثون سوى عن الكوارث، وصعوبة الأيام وضيق الليالي؟ فارقهم تنجو!
لك شريك هلوع لا تأتي أزمة إلا وقد أغلق كل الأبواب أمامك يخوفك من المستقبل؟ فُضَّ شراكته وابتعد عنه!
لا تلزم البيئة التي تسبب لك الضغط والخوف ثم تقول أنا قوي سأواجه خوفي، هذا عبث! هناك فرق أن تكون أنت في ذاتك من تخيف نفسك بأفكار في أغلب الأحيان لا تكون أبدًا صحيحة وبلا دليل وبين أن تكون في بيئة متشائمة كل ما يحيط بك مظلمًا لا أمل منه حتمًا إن ظللت فيها ستهلك!
فعندما وجد موسى أن هناك من يحذره أن القوم يأتمرون به هنا الخوف ليس شعورًا بلا دليل، بل كان هناك تحذير واضح ففر موسى من قومه وبيئته المظلمة إلى بيئة طيبة أخرى وجد فيها ما بدد خوفه ليقول له القائل باعثًا الطمأنينة في وجدانه ( لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
تذكر ليس كل المواقف تُواجه، هناك مواقف يجب أن تفر منها بكل ما أوتيت من قوة ولتعلم حينها أنَّ الله لن يضيعك (فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ)!
لن تُسيطر على أفكارك دائمًا
واعلم أن العبرة ليس أن تتخلص من مخاوفك تمامًا ولكن ألا تكون أسير تلك الأفكار
فحين تداهمك المخاوف تستطيع حينها أن تحجمها ولا تجعلها تأخذ أكبر من قدرها..
فهذا موسى عليه السلام أوجس خيفة وخالط الخوف قلبه رغم أنه كلم ربه تكليمًا!
ولكن الله كان رحيم به فهو الذي خلقه ويعلم ضعفه فثبته وطمأنه
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى، قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى)
فكذلك إن عاودتك المخاوف لا تجلد ذاتك وتظن أن لا رجاء منك بل تدرارك أمرك وتذكر أن الذي لطف بك بالأمس سيلطف بك اليوم. وابذل الأسباب كما بذلها موسى(وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ…)، كل ما في يدك وتستطيع بذله ابذله لا تجعل خوفك يقيدك ساكنًا، بل بادره بالعمل الدؤوب!
أنت لست بهذا السوء!
من أكثر ما يجعل المرء يقع في أوهام الخوف من المستقبل أنه فاقد الثقة في قدراته فيظن أنه ليس مؤهلًا ولن يستطيع ولن يقدر…
فمن أنفع ما يعينك على التغلب على ذلك أن تُري لنفسك من نفسك ما يُثبت لها أنك لست بهذا السوء الذي تتخيله!
الدلائل والبراهين تقضي على المخاوف فالشك لا يُبطل اليقين.
وأغلب مخاوفك ليست سوى شكوك ليس عليها أدلة فابذل لها من اليقين والبراهين ما يجعلك تدرك أن الله وهبك من عظيم فضله قُدرات هائلة لا تتخيلها!
(فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ، وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ)
تلك الأدلة والبراهين أذابت قلوب السحرة حتى أُلقوا ساجدين وملأت قلب موسى عليه السلام الذي توًا كان مرتجفًا طمأنينة ويقينًا بالله.
الختام
وبهذا يكون انتهى مقالنا بفضل الله وقد سلطنا فيه الضوء على قصة موسى عليه السلام وما فيها من معانٍ عظيمة تُقيم النفس وتصلح القلب وتسري عنه، ولك ملخص ما ذكرنا:
- إن أردت أن تكون مسلمًا مُنتجًا بحق؛ لا تخف إلا الله والله بإذنه يكفيك أمرك كله فالله لا يحب لعباده الخوف إلا منه سبحانه.
- حين تُباغتك أفكار تُقلقك وتخيفك حدث نفسك وازجرها قائلًا.. أتخشونهم؟ ثم أخبرها مستسلمًا لله مطمئنًا “فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين”.
- لا أحد يستطيع ضرك، لا أحد يستطيع نفعك، هو وحده الضار النافع وفي ضره نفعك… سبحانه!
- وأن ليس عليك إلا السعي بما هو متاح لك وإن رأيته ضعيفًا لا يفعل شيء وليكن لك في موسى قدوة!
- زِن نفسك بميزان الله ميزان الحلال والحرام لا ميزان الناس الذي يجعلك كالسلعة؛ كل من تُقابله يكيلك بمعتقادته وأفكاره!
- كل ما في يدك وتستطيع بذله ابذله، لا تجعل خوفك يُقيدك ساكنًا بل بادره بالعمل الدؤوب!
وهنا مقطع قصير رائع للشيخ د. عثمان الخميس حول الخوف من المستقبل لا تفوتوه
نسأل الله أن ينفعكم بهذا المقال ويرزقكم خيره ويكفيكم شره، وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.